" الشعر و مدارسه "
رغم أنّ العنوان أكبر ممّا تنطوي عليه هذه السطور إذ يحتاج إلى مجلدات لمناقشاته واحتوائه
وفهمه إلاّ أنني لم أجد ما يناسب محتوى السطور غيره راجياً أن يستفيد القارىءممّا جاء
فيها.
فالشعر العربي تطور بتطور العصور المختلفة كونه إنعكاساً للحياة بشتى جوانبها إذ يتفاعل
معها تأثراً وتأثيراً ولذلك نجد للشعر العربي في كل عصر مميزات وخصائص سواء في الشكل
أو المضمون.
ولعلّ أكثر العصور تطوراً للشعر العربي هو العصر الحديث إذ أثرت فيه ثلاث مدارس رئيسية
وهي المدرسة الكلاسيكية والمدرسة الرومانسية والمدرسة الواقعية ولكلٍ منها سماتها
وعوامل نشأتها.
ولنقف قليلاً مع كل منها دون الشواهد:
أولاً المدرسة الكلاسيكية:
بعد اندحار العصر العباسي الثاني تكالب الصليبيون والمغول على احتلال البلدان العربيةوطمس
معالم
الفكر العربي ممّا أدى ذلك إلى انحطاط الفكر العربي امتدّ هذا الإنحطاط إلى عصور تالية امتاز
الشعر فيها بالضعف رغم انتصار العرب والمسلمين.
وأتى العصر الحديث بتحدياته إذ نظر الغرب إلى الوطن العربي نظرة استعمارية فجاء الإستعمار
ناشراً ثقافته طامساً الهوية العربية فكان على الشعراء العرب معالجة القضايا العربية والوقوف
بالمرصاد أمام التحديات المحدقة بالأمة العربية وكان عليهم أن يعيدوا لغتهم إلى مكانتها
السامية، وحفاظاًعلى الأصالة العربية ساروا على نهج الشعراء الأقدمين الذين ينتمون إلى
العصر الجاهلي والعصر الإسلامي والعصر الأموي والعصر العباسي وحذوا حذوهم في صياغة
الشعر فبرزت في شعرهم المدرسة الكلاسيكية الجديدة التي تمتاز بجزالة الألفاظ ومتانة
الأسلوب وقوة التعبير والحفاظ على الموسيقى الشعرية متمثلة في وحدة الوزن والقافية
ومعالجة القضايا العربية والحنين إلى الماضي ، ومن أبرزشعرائها رائدها محمود سامي
البارودي الذي نفاه الإستعمار الفرنسي إلى جزيرة سريلانكامع اخوانه الثوار.
ومن شعرائها كذلك احمد شوقي وحافظ ابراهيم .
ثانياً المدرسة الرومانسية:
نظراً لامتزاج الثقافة العربية بالثقافة الغربية برزت في الفكر العربي الحاجة إلى التغيير ونظراً
لما تركه الاستعمار من أثر سلبي في النفوس من الشعور بالأسى والحزن والإحساس بالغربة
خاض الشعراء في التعبير عن مشاعرهم الذاتية الحزينة بلغة شعرية فيها من الإنسياب
والهدوء ما يتلاءم والتعبير عن مشاعرهم جاعلين في عناصر الطبيعة حياة تستحق النداء
والمخاطبة والشكوى إليها مستخدمين في معظم الأحيان البحور الشعرية الخفيفة مع تعدد
المقاطع الشعرية في القصيدة الواحدة واختلاف القافية في كل مقطع.
وتندرج تحت لواء المدرسة الرومانسية مدارس فرعية تابعة لها، وهي:
مدرسة خليل مطران ،ومدرسة الديوان ،ومدرسة أبو اللو ،ومدرسة شعراء المهجر
.
ومن أبرز شعراء المدرسة الرومانسية خليل مطران ومحمود زكي أبو شادي وإيليا أبو ماضي.
ثالثاً المدرسة الواقعية (مدرسة الشعر الحر):
بلغ امتزاج الثقافة العربية بالثقافة الغربية ذروته وزاد تفاعل الإنسان بالحياة العامة وتعددت
همومه ومشاكله فكان لابدّ من افساح المجال أمام الشعراء للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم
وواقعهم العربي فلاح في الأفق الدعوة إلى التحرر من وحدة الوزن والقافية والإكتفاء بالتفعيلة
حفاظاً على الأصالة الشعرية ومن سمات هذه المدرسة استخدام اللغة الرمزية.
ومن شعرائها صلاح عبد الصبور وبدر شاكر السيّاب ومحمود درويش.
ما تقدم كان نبذة مختصرة جدا عن بعض الظروف التي أدت إلى ظهور المدارس الأدبية في
شعرنا العربي مع ذكر بعض مميزاتها ولم أجد متسعاً لإيراد شواهد شعرية على ما جاء في
السطور وربما ستكون لنا وقفة مع ثلاث شواهد شعرية كل منها ينتمي إلى مدرسة من تلك
المدارس.
