قد ذكر عن الرسول الكريم محمد صلوات الله عليه وسلامه أن رجلاً مؤمناً وقع
في إثم ، فأحس بالضيق ، وندم على ما فعل ، وأسف على ما فرّط في جنب الله ، فماذا يفعل؟
إن المسلم
حين يكبو به فرس إيمانه ، فيقع في حفرة لم ينتبه إليها ندّت عن درب
الإيمان سرعان ما يلملم نفسه ، ويستعين الله ، ويتوب إليه من ذنبه ، سرعان
ما يتجه إلى خالقه يذرِف دموع الندم ، ويعاهد الله أن لا يقع مرة أخرى
فيما يغضب الله تعالى ، ويسأله الصفح والغفران ، ويرجوه طيّ تلك الخطيئة ،
بل التجاوزَ عنها ، بل محوَها من سجلـّه كي يعود نظيفاً ، وأن يبعد عنه
وسائل الغواية ، ويهديَه سبيل الرشاد ، يلتجئ إليه وحده ، فهو غفـّار
الذنوب ، ستـّار العيوب .
يا رب اغفر ذنبي ، واستر عيبي ، وارحم ضعفي بقوتك ، وتجاوز عن ذنبي بحلمك وعفوك ، أنت ربي تباركت ، وتعاليت .
drawGradient()
ويرتفع
الدعاء مصحوباً بالندم والاستغفار ، مخترقاً الحجُب إلى عالِم الغيب
والشهادة ليقف أمام السيّد المطلق يعلن توبة َصاحبه وإنابتـَه .
ويفرح الله تعالى بتوبة عبده ، ولَفـَرحُه – سبحانه – أشد من فرح الرجل
الذي عادت إليه ناقتـُه - في صحراء مترامية الأطراف ، فأيقن بالهلاك –
فعادت إليه الحياة .
فقال تبارك وتعالى " أذنب عبدي ذنباً ، فعلم أن له رباً يغفر الذنْب ، ويأخذ بالذنب ، فغفر له "
وعاد
الرجل المؤمن ، فضعف أمام مُغرِيات الحياة ، وزلت قدمه في حفرة الخطأ ...
سقط وهو يعلم أنه نكث العهد الذي قدّمه أمام توبته .. لم ييئس أمام ضعفه
وضغط الماديات والمغريات حوله ، فأحس بالندم الحقيق ، وتمسّك بالعُروة
الإيمانيّة الوثقى ثانية ، وبكى ، ولجأ إلى الركن الركين والملاذ الحصين ،
يسأله العفو والغفران وستر العيوب والنقصان .
وارتفع الدعاء إلى الطبقات العلا يستمطر الرحَمات ممن بيد النواصي ، يعلن توبة صاحبه وإنابتَه .
فيقول الله تعالى – سبحانه من رب رؤوف رحيم عطوف : أذنب عبدي ذنباً ، فعلم أن له رباً يغفر الذنـْب ، ويأخذ بالذنـْب ... فغفر له " .
خُلق
الإنسان من عَجَـل ، فكان نقصُه واضحاً . ولا يظهر الخطأ إلا من النقصان .
فإذا لاذ الضعيف الناقص بالقوي الكامل ارتفع عن سفساف الأمور ، ودنا من
العصمة والثبات ... ولكنّ الضعيف إن فتر عن المتابعة – وهذا دأْبه – عاد
إلى الخطأ . فإن وقع فيه نبّهَتْه فطرتُه الإيمانيّة التي فطره الله عليها
، فعاد إلى الصواب يستغفر الله ويرجو عفوَه ، فهو – الإنسان – دائم العودة
والإنابة ، ينزع إلى خالقه يحتمي بحِماه ، ويرجو فضله ، فيجيبه الله تعالى
بحنوٍّ وعطف وحنان : " أذنب عبدي ذنباً ، فعلم أن له رباً يغفر الذنب
،ويأخذ بالذنب ، أقـْبـَلـُه إن عاد ، وأدعوه إن بَعـُد ، أغفر زلاتِه ،
وأجيبُه إن دعاني ، قد غفرتُ لعبدي ، فليفعلْ ما يشاء