تقع علي عاتق الشباب مسئولية كبيرة, تبدأ بنفسه وشبابه, فإن المرحلة التي يمر بها الشباب من حياتهم يجب عليهم أن يغتنموها, قبل أن يغزوهم الهرم والمشيب, فيضعفوا عن القيام بمهام الحياة التي نيطت بهم, وتفلت منهم المرحلة الذهبية في تحمل المسئولية وفي عطائهم لأمتهم الإسلامية, وقد حثت السنة الشريفة علي اغتنام هذه المرحلة قبل ضياعها, كما يجب اغتنام غيرها من فرص الحياة الكريمة التي يمكن أن نثري بها قوة الأمة وإنتاجها, والبذل والتضحية, والإنفاق والعمل والسعي في كل دروب الحياة, يجب اغتنام كل هذا.
عن عمر بن ميمون قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك, وصحتك قبل سقمك, وفراغك قبل شغلك, وشبابك قبل هرمك, وغناك قبل فقرك.
عن أبي بردة رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه, وعن شبابه فيم أبلاه, وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه, وعن علمه ماذا عمل فيه.
وقد أعد الله تعالي منزلة عالية للشباب الذي ينشأ في طاعة الله, أنه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل, وشاب نشأ في طاعة الله, ورجل قلبه معلق بالمساجد, ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل دعته امرأة ذات منصب ووجمال فقال إني أخاف الله, ورجل قلبه معلق بالمساجد, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتي لاتعلم شماله ما تنفق يمينه, ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه.
والإسلام إذا يحمل الشباب المسئولية, ويكلفه بالواجب, إنما يحمله ذلك بعد إكتمال نضجه, ولا يحاسبه إلا بعد بلوغه, أما قبل ذلك فقد رفع القلم عنه.
قال صلي الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتي يستيقظ, وعن المبتلي حتي يبرأ, وعن الصبي حتي يكبر, وفي رواية عن علي وعمر بلفظ: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب علي عقله حتي يبرأ, وعن النائم حتي يستيقظ وعن الصبي حتي يحتلم
وقد حرص الرسول صلي الله عليه وسلم علي توجيه الشباب توجيها سديدا, وتحميلهم مسئولية الحياة بالزواج وتكوين الأسرة الذي يدفع إلي الكسب والعمل.
فوجههم توجيها يملك عليهم أقطار نفوسهم, ويكبح جماحهم, ويهديهم سواء السبيل فناداهم بالوصف القائم فيهم الداعلي لهم أن يصيخوا السمع ويرهفوا الإحساس إلي ما سيلقي عليهم بعد من توجيه فناداهم بوصف الشباب قائلا:
يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
وفي سبيل تحمل الشباب للمسئولية, تركز السنة الشريفة علي قيام كل شاب قادر بالعمل, وأداء الواجب المنوط به, والسعي علي المعاش, فيقوم بالعمل الذي يعف به نفسه, ويؤدي ما وجب عليه حيال أهله وعشيرته, وإن كان له أبوان كبيران وهكذا.. بل إن مثل هذا العمل الشريف الرائد, ليعتبر في سبيل الله, له من المثوبة والمنزلة ما للمجاهد.
مر رجل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فرأي أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم من جلده ونشاطه, فقالوا: يا رسول الله, لو كان هذا في سبيل الله ؟ فقال الرسول: من كان خرج يسعي علي ولده صغارا فهو في سبيل الله ؟ فقال الرسول: وإن كان خرج يسعي علي نفسه يعفها فهو في سبيل الله, وإن كان خرج يسعي رياء ومفاجرة فهو في سبيل الشيطان.
وقد وضح الرسول صلي الله عليه وسلم للشاب الذي جاءه يستأذنه في الجهاد وضح له قيمة مسئولية العمل من أجل بر الوالدين فقال له: أحي والداك ؟ قال: نعم قال: ففيهما فجاهد.
ومن هنا أطلب من الشباب المسلم ان يتمعن في كل خطوة يخطوها وأن يمزج بين الدين والحياة واغتنام كل دقيقة للتقرب إلى الله ومعرفة المزيد عن ديننا الحنيف.
